«أمنية» قصة قصيرة للكاتب أسامة أحمد خليفة

صورة موضوعية
صورة موضوعية

 

أنظرُ إليه من بعد، أرى فيه ملامحي وأنا صغير، ألمح فيه نشاطاً غير عادي يتخطى بطفولته حدود الزمن، ينبض قلبه بلحن البراءة المطلقة، يلقى كرته الجميلة المزركشة إلى السماء فتدور الكرة وتقع على رأسه الصغير، فيضحك ضحكة يهتز لها جسدي الواهن الضعيف من السعادة والامتنان.

 

استمر تأملي له من بُعد، وقلبي يخط بنبضاته ذكريات مولده السعيد، وكيف كنت أتمناه في دعائي وتهجدي لله (عز وجل) وكيف كنت أسجد لله (عز وجل) ودموعي تغرق سجادة صلاتي توسلاً أن يمنحني فلذة كبدي مصطفى، تحقق حُلمي بعد معاناة مع المرض والأطباء، تحقق حُلمي بعد خمسة عشراً عاماً حرمان من كلمة بابا التي كنت أسمعها في منامي واستيقاظي بابا بابا فأفيق من الحُلم على واقع أنه لا يوجد طفل بل يوجد عدة ألعاب مختلفة الشكل اشتريتها أنا وزوجتي ووضعتها في غرفة الأطفال الخاوية.

 

 ها قد أصبحت هذه الغرفة حديقة غنّاء بعد قدومه فهو وحيدي وسندي وحياتي، كل هذه الأفكار كانت تدور في رأسي وأصبحت أشاهد هذه الذكريات أمامي وكأنني أشاهد فيلماً، استيقظت من الأحلام والأفكار الدائرة في رأسي على صرخات زوجتي، أسرعت الخطى بلهفة وخوف وترقب نحو غرفتها كدت أسقط على الأرض، بعد سماعي صرخات طفل، فجأة خرجت الممرضة من الغرفة محتضنة طفلي الثاني وقالت لي بفرحة غامرة مبروك ...... مبروك لقد أتى أخو مصطفى حضنت طفلي الوليد بفرحة وسعادة وسجدت لله شكراً وعرفاناً.